بقلم الإعلامية نغم كباس
الجمعة June 8, 2012
في ثنايا الرحم يعيش هذا المخلوق الصغير لاحول له ولاقوة لم يختر المجيء إلى الحياة ولم يختر أيضاً ماحمله والداه من صفات. إذ أنهما ينقلان إليه بعضها من خلال جيناته و يكسبانه صفات أخرى بعد مجيئه إلى هذه الحياة. ودعونا نبدأ بالصفات المكتسبة الأخلاقية والمزاجية، وكيف يكتسبها الطفل من والديه بالدرجة الأولى ومن الأقرباء والمجتمع بالدرجة الثانية وهنا يلعب الأهل الدور الأكبر في عملية التربية، لايولد المرء لا هراً ولا سبعاً، بل يكتسب هذه الصفات عبر مراحل نموه، والدور الأول للأهل يكمن في ترسيخ عادات بناءة في الأسرة كالإحترام المتبادل بين الأبوين من خلال سماع الرجل لرأي زوجته والنقاش بينهما للخروج من المشاكل التي تواجه الأسرة، وعدم ظلم الزوجة أو إهانتها وشتمها، لأن ذلك سيؤثر على الأطفال فالطفلة الأنثى ستعتاد الخضوع والإستسلام والتحمل بينما سيشعر الطفل الذكر بأنه هو المسيطر والقوي، ويجب إطاعته دائماً إن كان من قبل أخته أو زوجته المستقبلية، كما أن تقاسم الأدوار بين الأب والأم والأولاد يعزز قدرة الطفل على قيادة نفسه وإدراك واجباته وحقوقه وماهو ممنوع عليه وماهو مسموح به فعلى الأهل مثلاً عدم الإستجابة لطلب الطفل الذي يصرخ ويبكي لتحقيق مايريد بل ترسيخ الحوار والنقاش بين الطفل والأهل وتقديم الأسباب المقنعة التي حالت دون تحقيق رغبته، وفي حال استمرار الطفل بالصراخ يمكن للأم أن تساعد طفلها بتقديم خيارات أخرى أكثر فائدة له مثال (أنت وطفلك في متجر لألعاب الأطفال ورغب في أن تشتري له على سبيل المثال كرة قدم غير أنك لديك أسبابك كي ترفضي طلبه فيجب أن توضحي له هذه الأسباب ،وإن استمر في البكاء حاولي أن تقدمي له خيارات أخرى كريشة الرسم مع الألوان الزاهية وأخبريه أنكما ستتشاركان في رسم لوحة جميلة تحتوي على حيوانه المفضل مثلاً وهكذا ….)
لماذا يخاف طفلي كثيراً ؟ كيف أساعده على التخلص من خوفه ؟
الخوف أيضاً صفة مكتسبة لاتولد مع الإنسان فالطفل الرضيع لايخاف من الظلام ومن الحيوانات المفترسة والأفاعي وإنما نحن من نحذره منها ومن خطرها. ويجب على الأم ألا تستخدم هذا الإسلوب نهائياً لإجبار الطفل مثلاً على تناول الحليب أو النوم أو الحفاظ على هدوئه.
فإن كان لأم طفل أعيتها كثرة حركته فلا يجب أن تقول له مثلاً إن لم تجلس وتحافظ على هدوئك سيأتي السارق ويسرقك أو الوحش ويفترسك، هذا سيكوّن طفلاً متردداً يخاف خوض التجارب، ويخاف الناس أيضاً ولاتلجأي إلى عقابه بالضرب أو الصراخ لأن طفلك سيبحث عن مكان آخر يمارس فيه نشاطه وربما بعيداً عنك ماقد يعرضه للخطرو يكمن الحل في أن توجهي طاقة طفلك بالإتجاه الصحيح كأن تشاركيه ممارسة التمارين الرياضية لبعض الوقت أو أن تطلبي منه مساعدتك في المنزل حسب إمكاناته ولاتحمليه فوق طاقته لأن ذلك سيحبط شعوره أما إذا أخطأ طفلك أو حطم شيئاً من أثاث المنزل فعليك التحدث معه على انفراد ومعاقبته بحرمانه مثلاً من النزهة المعتادة يومياً.
لاتحاولي تأنيبه أمام الناس نهائياً لئلا تحوليه إلى طفل خجول يبكي كلما اقترف ذنباً مهما كان بسيطاً ولاتنسي مدحه دائماً أمام الأصدقاء والأقارب وذكر الصفات الإيجابية التي يتمتع بها لأن ذلك يساعد في ترسيخها كأن تقولي: “طفلي يساعدني ويسمع كلامي ولايكذب أبداً ” كما يمكنك إرشاد طفلك من خلال القصص التي تقصينها عليه قبل النوم بأن تقارني بين طفل سيء وآخر جيد و بذلك تشجعيه على اتباع ماهو إيجابي، والإبتعاد عن السلبي، ولعل أكثر الصفات شيوعاً بين الأطفال هي عدم الإستجابة لطلب الأهل، لأسباب مختلفة منها انشغال الطفل في اللعب أو عدم رغبته في القيام بالعمل الموكل إليه وأقول هنا بما أن الطفل يقلد الوالدين بديهياً ويتقمص أدوارهم فعلى الأهل أن يكونوا مثالاً لطفليهما
فالمرأة تستجيب لطلب زوجها وأطفالها بمحبة وكذلك الرجل أيضاً ويجب عليهما ألا يلحان في الطلب على الطفل فإن رفض طفلك مطلبك عليك أن تغيري صيغة الطلب أو تؤجليه بعض الوقت لأن تكراره يزيد الطين بلة وقد يؤدي إلى غضب الطفل وإثارة عصبيته أما إذا كنت أماً ذكية وتدركين جيداً كيف يفكر ابنك فستنجحين حتماً بتعويده على التحكم والسيطرة حيال انفعالاته.
كيف يعتاد طفلي على تطبيق القوانين؟
يجب أن ينشأ الطفل على احترام عادات المجتمع الذي يعيش فيه واحترام قوانين الدولة مثل الوقوف عند إشارة المرور وإحترام الشرطي والحفاظ على نظافة الشارع بإلقاء القمامة في المكان المخصص لها، ويمكن للأم أن تقوم مع أطفالها وأصدقائهم في الحي بتنظيف الشارع على سبيل المثال لتنمية حب العمل الجماعي واحترام الآخر والوطن . هذه كانت بعض الصفات المكتسبة وسأتطرق في المقال القادم إلى الصفات الوراثية ولكن تذكري أيتها الأم أن طفلك ليس ملكاً لك بل تكمن مهمتك في تربيته تربية صالحة والقيام بكل مافي وسعك لإيصاله إلى بر الأمان وعليك أن تحبيه حباً خالياً من أي قيد أو شرط وبعيداً عن الأنانية ولاتجرحي مشاعره لأي سبب كان فالجرح في الصغر كالنقش في الحجر