تكيس المبايض، أسبابه، وعلاجه

0
1947

قام بإعداد و كتابة المقال الدكتور “أسامة صالحة” إستشاري نساء وولادة و علاج العقم

ما هو مرض تكيس المبايض؟
عندما وصف العالمان Stein and Leventhal مرض تكيس المبايض في عام 1952 إعتقادا بأن الخلل يكمن في المبيضين ولذا سميا المرض بمرض تكيس المبايض. ولكن خلال السنوات العشرة الماضية ثبت علميا أن مرض تكيس المبايض هو في الواقع خلل هورموني وراثي يؤثر على المبايض كما يؤثر على بقية أعضاء الجسم. وبما أن الخلل الهرموني يُورث فإن نسبة إنتشار المرض تتفاوت من مكان إلى آخر حيث أن نسبة في أوروبا وأمريكا حوالي 20% ولكن النسبة في الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط قد تصل إلى 40%.

كما أنة تبين مؤخرا أن بعض النساء اللاتي يعانين من هذا المرض قد يكون لديهن أقارب ذكور يعانون من الصلع المبكر. مرض السكري. البدانة. إرتفاع نسبة الكوليسترول في الدم أو إرتفاع ضغط الدم. وأحيانا قد يكون لديهن أقارب إناث يعانين من تكيس المبايض أو خلل هرموني آخر كإرتفاع نسبة هرمون الحليب (Hyperprolactinaemia).

ما هي أعراض مرض تكيس المبايض؟
قد يُؤثر الخلل الهرموني على مختلف إعضاء الجسم ولذلك فقد تشتكي النساء اللاتي يعانين من هذا الخلل من بعض أو كل هذة الأعراض. كما أن الأعراض قد تبدا من سن البلوغ (11-13 سنة) أو تتأخر حتى سن العشرين أو الثلاثين من العمر.

• عدم إنتظام أو غياب الدورة الشهرية لمدة طويلة.
• صعوبة في الحمل بسبب إختلال الإباضة.
• زيادة الوزن بالرغم من الإلتزام بالأكل الصحي.
• زيادة نمو الشعر في الوجه والجسم.
• تساقط شعر الرأس بما يشابه ذلك عند الذكور.
• بشرة دهنية.
• حبّ الشباب في الوجه أو الظهر.
• إسوداد البشرة تحت الذراع والثدي والعنق.

من الغريب أن الخلل الهرموني قد يوجد عند بعض النساء منذ الولادة ولكن تكون دورتهن الشهرية منتظمة ولا يوجد لديهن أيّة أعراَض خاصة إن كان وزنهن في المعدل الطبيعي. لكن إن زاد الوزن فإن بعض هذة الأعراض قد تبدأ في الظهور.

ما هي أسباب مرض تكيس المبايض؟
أكدت الدراسات الأخيرة أن العامل الأساسي في مرض تكيس المبايض هو مقاومة خلايا الجسم لهومون الأنسولين. مما يؤدي إلى إفراز المزيد من الهورمون للتعويض. وبالتالي يرتفع مستوى الهورمون في الدم. بدوره يحث هورمون الأنسولين المبايض على إفراز كميات كبيرة من هورمون الذكوره (التستوستيرون) الذي يسبب زيادة في نمو الشعر في الوجه والجسم. تساقط شعر الرأس. البشرة الدهنية. وظهور حبّ الشباب في الوجه والظهر. بالإضافة إلى ذلك. فإن إرتفاع مستوى هورموني الأنسولين والتستوستيرون يسبب زيادة الوزن بالرغم من عدم الإفراط في الأكل. ومع زيادة الوزن. تقوم الخلايا الدهنية بإفراز المزيد من هورمون الذكورة (التستوستيرون). في نفس الوقت لا تتمكن الحويصلات الصغيرة في المبيض من تحويل هذة الكمية الكبيرة من هورمون التستوستيرون إلى هورمون الأنوثة (الإستروجين) مما يحول دون نموّها. فلا تحدث الإباضة. وتبقى البويضات في المبيض مكونة أكياساً صغيرة. ومع عدم إنتظام الإباضة تكون الدورة الشهرية غيرمنتظمة ويصعب حدوث الحمل.

كيف يتم تشخيص مرض تكيس المبايض؟
في حال وجود بعض أو كل الأعراض فإن التشخيص يكون سهلا بالفحص الإكلينيكي. عادة يتم تشخيص هذا المرض عن طريق فحص هورمونات الإباضة (FSH & LH) في أول 3 أيام من الدورة حيث تكون نسبة هرمون ال LH مرتفعة مقارنة بنسبة هرمون ال FSH. كما يمكن تشخيص تكيس المبايض عن طريق السونار حيث تبدو المبايض متضخمة ومحتوية على العديد من الأكياس صغيرة الحجم (2-8 مم) المنتشرة حول المحيط فيبدو المبيض كـ “عقد من اللؤلؤ”.

ما هي المخاطر المرتبطة بمرض تكيس المبايض؟
يمكن أن يسبب ارتفاع هرموني الانسولين والتستوستيرون الى مضاعفات صحية أخرى تعاني منها النساء اللواتي لديهن مرض تكيس المبايض منها:

1. مرض السكري: تبين أن إحتمال الإصابة بمرض السكري يزداد عند مرضى تكيس المبايض خاصة الآتي يعانون من السمنة أيضا. عادة يمكن علاج مرض السكري بإتباع نظام غدائي صحي والرياضة وتخفيض الوزن.

2. إرتفاع نسبة الكوليستيرول وثلاثي الترغليسيريد في الدم: هذا يمكن أيضا تجنبه بالغذاء الصحي وتخفيف الوزن.

3. إرتفاع ضعط الدم ومرض القلب: إرتفاع نسبة هورمون الأنسولين والكوليستيرول قد يسببا تصلب الشرايين وزيادة الضغط . بعلاج هورمون الأنسولين وتخفيض مستوى الكوليستيرول يمكن التخفيف بشكل كبير من هذا الخطر.

4. سرطان بطانة الرحم: سبب هذا الخطر هو إنقطاع الدورة الشهرية لمدة طويلة (3 أشهر أو أكثر). لذا يجب أن نحافظ على إنتظام الدورة الشهرية لنقلل من هذا الخطر.

كيف نعالج مرض تكيس المبايض؟
في الماضي كان العلاج يستهدف الأعراض الناتجة عن تكيس المبايض كزيادة الشعر وحبّ الشباب والعقم ألخ. ولكن هذا العلاج لم يكن فعالا. أما حاليا فيتركّز العلاج على خفض نسبة هرمون الأنسولين في الدم. وبهذا تنخفض نسبة هورمون الذكوره ومن ثم تزول الأعراض.

من المعروف أنّ دواء الميتفورمين يعطى لمرضى السكري. ولكن إذا أعطي لمرضى تكيس المبايض فإنه يخفض مستوى الأنسولين فقط دون أن يؤثر على مستوى السكر في الدم. ثبت علميا أن علاج تكيس المبايض بدواء الميتفورمين يقلل من تساقط شعر الرأس ويخفف من نمو الشعر في الوجه والجسم. ويعدل ضغط الدم المرتفع كما تنتظم الدورة الشهريه وينخفض الوزن.

من الممكن أن يسبب هذا الدواء عند بداية تناوله إضطرابا في المعدة، أو الإسهال الذي يزول عادة بعد الأسبوع الأوّل. ولكن بداية العلاج بجرعات منخفضة وتناول دواء الميتفورمين في وسط وجبة الطعام يمكن أن يخفف من هذه الأعراض الجانبية.

كيف نراقب العلاج؟
قبل بدأ العلاج نجري فحصا كاملا نقيس من خلاله الوزن والطول ونحدد مؤشر السمنة في الجسم (نسبة الوزن الى الطول “BMI”). كما نحدد كمية الشعر الزائد وتوزيعه في الجسم وكيف تقوم المرأة بإزالتة. كما نفحص فروة الرأس لنحدد كثافة الشعر والأماكن التي يتساقط منها. وكذلك نفحص البشرة لنقيم كمية حب الشباب. كما نجري التحاليل اللازمة كتحليل الهورمونات ونسبة السكر والكولسترول في الدم. بعد ثلاثة أشهر من بدء العلاج بالميتفورمين نعيد الفحص والتحاليل.

يعتبر العلاج بدواء المتفورمين هو الأساس في علاج خلل الهرمونات عند مرضى تكيس المبايض ويمكن بالإضافة إلى المتفورمين إستخدام أدوية أخرى لتنضيم الدورة أو تساقط الشعر أو تنشيط المبايض.

ما هي طرق العلاج الأخرى التي يمكن إستخدامها بالإضافة إلى المتفورمين؟
هناك عدة طرق علاجية يمكن إستخدامها بالإضافة إلى المتفورمين.

1. علاج زيادة الشعر:
بسبب إرتفاع هرمون التستيترون ينمو الشعر بشكل واضح على الوجة. والبطن واليدين والساقين. نمو الشعر الزائد عند النساء موضوع حساس ومحرج في مجتمع يُتوقع أن تكون المرأة فيه جميلة. ناعمة وغير مشعرة. بعض النساء يلجأن الى إزالة الشعر بالحلاقة أوالنتف أوالشمع أوالتيار الكهربائي أوالليزر. لكن هذة الطرق تؤدي إلى تحسن مؤقت ولا ُتعالج السبب الأساسي. بينما أخذ الأدوية المخفضة لهورمون التستوستيرون (مثل الAldacton أو Androcur) يمكن أن يقل نمو الشعر وكثافتة. وفي جميع الحالات يجب أن تكون مراجعة الطبيب منتظمه لمتابعة الحاله ومراقبة سير العلاج.

2. علاج تساقط شعر الرأس وحب الشباب:
إرتفاع هرمون التستيترون يسبب أيضا تساقط شعر الرأس ونمو حب الشباب على الوجة والظهر. يمكن علاج تساقط الشعر بإستخدام الشمبوهات المقوية وعدم تكرار صبغ الشعر. أما حب الشباب فيمكن علاجة بالعناية بالبشرة وإستخدام الكريمات المطهرة. كما يمكن علاج تساقط الشعر وحب الشباب بإستخدام الأدوية المخفضة لهورمون التستوستيرون مع الفيتامينات المقوية والمتفورمين.

3. تنظيم الدورة:
عندما تكون الدورة الشهرية غير منتظمة ولا ترغب المرأة في الحمل فيمكن اللجوء إلى عدة طرق لتنظيم الدورة. منها حبوب منع الحمل مثل ال Diane التي يمكن أن تعالج زيادة نمو الشعر أيضا. كما يمكن تنظيم الدورة بإستخدام أدوية أخرى مثل ال Provera أو Progyloton.جميع هذة الطرق تنظم الدورة بدون أن تؤثر على المبايض ولذلك يمكن أن ُتستخدم هذة الأدوية بدون قلق على إحتمال الحمل في المستقبل.

4. تنشيط الإباضة:
في حالات عدم إنتظام الدورة وتأخر الحمل فيمكن تنشيط الإباضة عن طريق حبوب منشطة مثل حبوب الClomid التي تُوخذ من ثاني إلى خامس يوم الدورة. إن لم تستجيب المبايض لحبوب التنشيط فيمكن إضافة أبر هرمونية لمدة خمس إلى عشرة أيام. غالبا ما تستجيب المبابيض إلى حبوب أو أبر التنشيط ولكن يجب إتخاذ الحذر حيث أن المبايض تكون حساسة جدا مما قد يؤدي إلى الإباضة المفرطة وتهيج المبايض.

5. علاج طفل الأنبوب:
إن لم تستجيب المبايض إلى حبوب أو أبر التنشيط أو لم يحدث حمل بالرغم من الإستجابة الطبيعية للعلاج عندها يمكن أن نلجأ إلى علاج طفل الأنبوب. بإختصار يتضمن علاج طفل الأنابيب على تنشيط المبيضين بحقن الهرمونات لإنتاج أكبر عدد ممكن من البويضات التي تنمو داخل المبيض. تؤخذ البويضات الناضجة من المبيض لتوضع مع الحيونات المنوية حيث تتم عملية التلقيح. البويضات الملقحة تبدأ بالإنقسام مكونة مايسمى “بالأجنة”. عادة نسترجع أفضل 2 إلى 3 أجنة للرحم. يستغرق العلاج مدة ستة أسابيع تقريبًا وتقدر نسبة نجاحه حوالى 30 إلى 40%.

6. عملية كي المبيض: 
في بعض الحالات لا تستجيب المبايض للعلاج ولا ترغب السيدة بعلاج طفل الأنبوب عندها يمكن علاج التكيس عن طريق المنظار وذلك بإجراء ثقوب صغيرة في المبيض إما بواسطة الكي أو أشعة الليزر. يؤدي هذا العلاج خلال أيام إلى إنخفاض كبير في هورمون الذكورة. وقد أظهرت الدراسات أنّ 80% من النساء استفدن من هذا العلاج. كما أن العديد من النساء اللواتي لم يستجبن لمنشطات الإباضة قبل العملية تجاوبن مع الأدوية بعد إجراء هذه العملية. ومن اللافت للإنتباه أن مدة الإستجابة تكون ما بين 3 إلى 6 شهور من بعدها يعود الوضع إلى ما كان علية قبل العملية.

ما علاقة الإجهاض ومرض تكيس المبايض؟
من المعروف أنّ إحتمال حدوث الإجهاض عند النساء اللاتي يعانين من مرض تكيس المبايض هو أكثر من غيرهن. وتفسير هذه الظاهرة يعود إلى زيادة إفراز هورمون ال LH وهورمون التستوسترون الذين يمكن أن يسببا ضعفا أو خللا في البويضة, مما يؤدي إلى زيادة نسبة الإجهاض. كما أن إرتفاع مستوى الأنسولين في الجسم يمكن أن يسبب تجلط الدم في السطح الفاصل بين بطانة الرحم والمشيمة وقد يؤدي هذا الأمر إلى قصور المشيمة والإجهاض.

صورة سونار تظهر المبيض محتويا على العديد من الأكياس صغيرة الحجم منتشرة حول المحيط فيبدو المبيض كـ “عقد من اللؤلؤ”

مجسم مقطعي للمبيض وتبدو الأكياس صغيرة الحجم منتشرة حول المحيط

عملية كي المبيض عن طريق المنظار. تُجرى 4 ثقوب في كل مبيض

إسوداد البشرة تحت العنق زيادة نمو الشعر في الوجة

تساقط شعر الرأس

نمو الحبوب على الوجه وبشرة دهنية

التغيرات الهرمونية الطبيعية التي تؤدي إلى إنتظام الإباضة ونزول الدورة كل شهر

إنعدام التغيرات الهرمونية بسبب مرض تكيس المبايض مما يؤدي إلى إختلال الإباضة
وعدم إنتظام الدورة

ملخص للتغيرات الهرمونية في مرض تكيس المبايض موضحا أن العامل الأساسي
في مرض تكيس المبايض هو مقاومة خلايا الجسم لهومون الأنسولين. مما يؤدي إلى
إفراز هورمون التستوستيرون